روائع مختارة | روضة الدعاة | الدعاة.. أئمة وأعلام | إحسان إلهي ظهير.. أسد السنة في لاهور

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > روضة الدعاة > الدعاة.. أئمة وأعلام > إحسان إلهي ظهير.. أسد السنة في لاهور


  إحسان إلهي ظهير.. أسد السنة في لاهور
     عدد مرات المشاهدة: 3434        عدد مرات الإرسال: 0

إحسان ظهير.. مولده ونشأته: إحسان إلهي ظهيروُلد إحسان إلهي ظهير في "سيالكوت" بباكستان عام 1363هـ، من أسرة سنية متدينة اشتهر عنها عنايتها بالحديث النبوي، حفظ القرآن كاملًا وهو في التاسعة من العمر في مدينة "ججرانوالا"، ثم أكمل دراسته الابتدائية في المدارس النظامية الحكومية.

اشتهر عنه في صغره طلب العلم الشرعي على أيدي العلماء في المساجد وحلقات العلم الشرعي، ثم درس كتب الحديث النبوي على يد الحافظ محمد جوندلوي، شيخ العلامة عطا الله حنيف، وكان ذلك في مدينة "فيصل آباد".

طلبه للعلم:

حصل على ليسانس في الشريعة من الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، وكان ترتيبه الأول على جميع طلبة الجامعة، وذلك عام 1961م، وبعد نجاحه في الجامعة الإسلامية رجع إلى بلاده باكستان، والتحق بجامعة "البنجاب" بكلية الحقوق والعلوم السياسية، وحصل على الليسانس.

بعد ذلك استمر في تحصيله الأكاديمي حتى حصل على ست شهادات ماجستير في الشريعة الإسلامية واللغة العربية واللغة الفارسية واللغة الأردية والسياسة من جامعة البنجاب، كما حصل على ماجستير الحقوق من جامعة كراتشي.

وفي حرصه على الشريعة وتعلمها يقول عنه الدكتور محمد لقمان السلفي في مجلة الدعوة:


"لقد عرفت هذا المجاهد الذي أوقف حياته، بل باع نفسه في سبيل الله أكثر من خمس وعشرين سنة عندما جمعتني به رحمه الله مقاعد الدراسة في الجامعة الإسلامية، جلست معه جنبًا إلى جنب لمدة أربع سنوات فعرفته طالبًا ذكيًّا يفوق أقرانه في الدراسة، والبحث، والمناظرة، وجدته يحفظ آلاف الأحاديث النبوية عن ظهر قلب.

كان يخرج من الفصل ويتبع مفتي الديار الشامية الشيخ ناصر الدين الألباني، ويجلس أمامه في فناء الجامعة على الحصى يسأله في الحديث ومصطلحه ورجاله ويتناقش معه، والشيخ رحب الصدر يسمع منه، ويجيب على أسئلته, وكأنه لمح في عينيه ما سيكون عليه هذا الشاب النبيه من الشأن العظيم في سبيل الدعوة إلى الله, والجهاد في سبيله بالقلم واللسان".

جهوده في حفظ الشريعة:

كان إمام وخطيب أكبر مساجد أهل الحديث بلاهور، وذلك في أثناء دراسة ليسانس الحقوق، كما عمل رئيسًا لمجمع البحوث الإسلامية، وتولى رئاسة تحرير مجلة "ترجمان الحديث" التابعة لجمعية أهـل الحديث بلاهور في باكستان، ومدير التحرير بمجلة أهـل الحديث الأسبوعية.

يعتبر من أبرز وأشهر علماء أهل السنة والجماعة الذين اشتهر عنهم منافحتهم عن معتقـدات أهل السنة الداعية إلى التوحيد الخالص لله, ونبذ كل أفعال ومظاهر الشرك من التوسل والدعاء لغير الله؛ مما جعله في حرب فكرية مع الطوائف الأخرى مثل الشيعة الاثني عشرية، والإسماعيلية والقاديانية المنتشرة في باكستان بشكل خاص, وفي الدول العربية والإسلامية بشكل عام.

ولهذا تعج مؤلفاته بكم هائل من الحوارات والنقاشات والردود التي لا تخلو من دحض شبه هؤلاء ومعتقداتهم الفاسدة ورفضها ومجابهتها في كل مكان، كما كان يقيم كثير من المحاضرات والندوات في الكثير من الدول منها محاضراته في باكستان، والكويت، والعراق، والمملكة العربية السعودية, والمراكز الإسلامية في مختلف ولايات أمريكا.

صفاته وأخلاقه:

ومن أبرز الصفات التي تميز بها الشيخ إحسان إلهي ظهير وعرف واشتهر بها الشجاعة والصدع بالحق، لا يبالي في هذا السبيل بأحد كائنًا من كان, ويقول عنه أحد أساتذته الذين درسوا له بالجامعة الإسلامية: (لا أعرف أحدًا من الشباب كان أكثر اندفاعًا منه في إظهار الحق وإعلان الدعوة إلى الله، ولا يعبأ بمن يعارض سواءً كان من المسئولين أو غيرهم، شجاعته ليست في محل شك).

ومن مواقفه -رحمه الله- التي تدل على شجاعته وثباته أن أميرًا شيوعيًّا ظالمًا من أمراء البنجاب جمع العلماء في مجلسه, فجعل يوبخهم ويسبهم وينال منهم، والشيوعيون لا يكرهون أحدًا كما يكرهون علماء المسلمين، فقام إليه الشيخ إحسان إلهي ظهير وكان حاضرًا وأنكر عليه, بل وبَّخه أمام الناس ولم يبالِ به, فشكر الحضور له هذا الموقف الشجاع.

ومع شجاعته -رحمه الله- كان جوادًا كريمًا منفقًا، وهاتان صفتا المؤمن الشجاعة والكرم، في يوم من الأيام دُعي الناس إلى التبرع لمركز أهل الحديث، فقام الشيخ إحسان إلهي ظهير أول الناس ودفع خمسمائة ألف روبية تبرعًا للمركز، فلما رآه الناس، تأسوا به وتبرعوا بأموال كثيرة, بلغت في ذلك اليوم سبعة ملايين روبية لبناء المركز، فكان -رحمه الله- يقول ويفعل ويتعلم ويعمل.

ثباته على الحق:

أما ثباته على دينه وعقيدته ومنهجه فالحديث عنه عجيب، فالشيخ إحسان إلهي ظهير عرف بأنه قاصم ظهور الفرق المخالفة للإسلام والسنة، كثير التنديد والردود عليها والتحذير منها, وكشف أستارها وإظهار ما عندها من الضلالات والمخازي، ولا سيما الروافض, فقد كتب فيهم مجموعة من الكتب التي ما زالت إلى اليوم من أفضل ما كتب في الرد عليهم، وكانت الروافض تطلب إليه أن يكف عنهم وأن يصادر الكتب التي ألفها فيهم، فكان يقول لهم: "أفعل ذلك إذا أحرقتم كتبكم".

ومن المواقف الظريفة التي وقعت له مع الرافضة أن أحد ملالي إيران ممن يلقب بـ "آية الله"، كان أرسله الخميني إلى الشيخ إحسان إلهي ظهير؛ لينقل له إعجاب الخميني بكتابي الشيخ إحسان "البابية" و"البهائية"، ثم دعاه إلى زيارة إيران فقال له الشيخ إحسان: "ومن يضمن حياتي؟"، فقال له: "أنا أضمن حياتك وسأبقى هنا عند أتباعك إلى أن تعود إلى باكستان"، فرد عليه الشيخ إحسان: "وما يدريني لعلك من المغضوب عليهم عند الخميني؟!".

أما الإسماعيلية فقد حاولوا معه فلم تفلح محاولتهم, حيث قام زعيمهم "كريم الأغا خان" بدعوة الشيخ إحسان إلى بريطانيا للتفاهم معه وإقناعه بعدم الكتابة في الإسماعيلية، ولو بإغرائه بالمال، حتى أنه أرسل طائرة خاصة إلى كراتشي؛ لتحمل على متنها الشيخ إحسان إلهي ظهير رحمه الله، فما كان من الشيخ إلا أن رفض هذا العرض.

كتب ومؤلفات إحسان ظهير:

تركزت مؤلفاته -رحمه الله- في الرد على العقائد الفاسدة للنصرانية، وكذلك عقائد الفرق الضآلة، خاصة الشيعة وغلاة الصوفية، ومن كتبه ومؤلفاته في الشيعة كتابه "الشيعة والسنة"، وهو الكتاب الذي ترجم أيضًا إلى الفارسية والإنجليزية والتايلاندية، وكذلك كتابه "الشيعة وأهل البيت"، وكتابه "الشيعة والتشيع فرق وتاريخ"، وكتابه "الشيعة والقرآن"، وكتابه "الباطنية بفرقها المشهورة".

كما كان له مجموعة من الكتب في العقائد الضآلة، ومنها كتاب "الإسماعيلية تاريخ وعقائد"، وكتاب "البابية عرض ونقد"، وكتاب "القاديانية"، وكتاب "البريلوية عقائد وتاريخ"، وكتاب "البهائية نقد وتحليل"، وكتاب "فرق شبه القارة الهندية ومعتقداتها".

وكان له مجموعة من المؤلفات في الصوفية، منها كتاب "التصوف المنشأ والمصادر"، وكتاب "دراسات في التصوف" وهو الجزء الثاني من كتاب "التصوف المنشأ والمصادر".

محاولات اغتياله:

ولم يزل الشيخ إحسان إلهي ظهير ماضيًا في جهاده لهذه الفرق؛ مما جعل حياته مهددة بالخطر، ولم تزل هذه الفرق ترسل له بالتهديدات كتابيًّا وهاتفيًّا، وهو لا يلوي على شيء رحمه الله, ولقد كاد أن يقتل في أمريكا وأهدر دمه الخميني، وقال: "من يأتي برأس إحسان، فله مائتا ألف دولار". وحاولوا قتله مرات، وأطلقوا عليه الرصاص.

يقول أحد أساتذته من مشايخ الجامعة الإسلامية: "زرته في باكستان مرة وهو مصاب وقد هُدد مرات ومرات من قبل أهل الأهواء، فهم ما رأوا أحدا من المعاصرين بعد محب الدين الخطيب أشد منه".

استشهاد إحسان إلهي ظهير:

ولم تزل تهديدات القوم تترى عليه، وحياته في خطر دائم يزداد يومًا بعد يوم حتى وقع الحادث الأليم والخطب الجلل الذي اهتزت له باكستان، ففي يوم الثالث والعشرين من شهر رجب سنة 1407هـ كان الشيخ إحسان إلهي ظهير جالسًا في ندوة العلماء التي تعقدها جمعية أهل الحديث, وكان الحاضرون قريبًا من ألفين, وفي أثناء الليل وقد قرب الوقت من الساعة الحادية عشرة ليلًا..

كان الشيخ إحسان يتكلم, وقد أرسلت مِزْهَريَّة إلى المنصة قدمها أحد الأشخاص مكتوب عليها "إحسان إلهي ظهير الذي لا يخاف في الله لومة لائم" وتناقلتها الأيدي إلى أن وصلت إلى المنصة، وبعد نحو من عشرين دقيقة انفجرت المزهرية انفجارًا هائلًا مدويًّا, فحصدت في الحال تسعة أشخاص وأصيب العشرات, ورمت بالشيخ إحسان إلى مسافة عشرين أو ثلاثين مترًا، وقد ذهب ثلث جسده، وعينه اليسرى وجنبه ورجله وأذنه غير أنه لم يفقد وعيه، وهرع الناس إلى الشيخ وكانوا في حالة لا يعلم بها إلا الله.

فكان يقول لهم وهو في جراحه: "اتركوني واذهبوا إلى الناس الآخرين". ورأى أحد الحاضرين يبكي عليه، فزجره وقال له: "إذا كنت تبكي، فكيف تعزي غيرك؟!". لله تلك النفوس الأبية! وتلك القلوب الشجاعة القوية!

ونقل الشيخ إلى المستشفى المركزي في مدينة لاهور، وبلغ الخبر إلى سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز الذي كلم خادم الحرمين الملك فهد بن عبد العزيز بضرورة نقل الشيخ إلى المملكة لتلقي العلاج, ومن ثمَّ نقله إلى المملكة، وفي الرياض استُقبل الشيخ إحسان استقبالًا كبيرًا من قبل المسئولين والعلماء والوجهاء، وتم تحويله إلى المستشفى العسكري بالرياض، وكان أمر الله قدرًا مقدورًا..

ففي صباح يوم الاثنين الموافق الأول من شعبان سنة 1407هـ في تمام الساعة الرابعة فاضت روح الشيخ إحسان إلهي ظهير إلى باريها، بعد حياة حافلة بالعلم والدعوة والجهاد والدفاع عن الإسلام والسنة، ومقارعة أعداء الدين والملة، ثم نقل جثمانه إلى المدينة النبوية في طائرتين عسكريتين بصحبة أقاربه وأحبابه، وفي المدينة استُقبل استقبالًا رسميًّا من قبل المسئولين والعلماء, وصُلِّي عليه في المسجد النبوي, وبعد الصلاة عليه شيع إلى بقيع الغرقد، فدفن هناك.

شعر في رثائه:

ولقد جاء في رثائه أبيات رائعة تقول:

إحسان سافـرت عـن دنيا مدنسـة *** إلى عوالم خـيـر كـلـهـا نـعـم

سافرت والأرض حبلى بالخطوب وكم *** قـد أنـجـبـت سقمًا في ذيله سقم

سافرت عن كل خـداع ومحــترف *** للـغـدر لـيـس لـه دين ولا ذمم

كم بـــدعة نــشرتها بيننا فرق *** تضـاءلـت في مدى أوهـامها القيم

رفعــت في وجهها صدق العقيدة في *** قـوم بـآذانـهـم من جهلهم صمم

ناديتهم يا أخـا الإسلام ترشدهـم *** إلى كـتـاب هـو الـنبـراس والحكم

لكـنـهم جهـلوا ما كنت تعلمه *** وبـعـضـهـم عـلموا لكنهم كتموا

وهـربوا غـدرهم في بـاقة حملت *** وردًا وفـي وردها الجرم الذي اجتـرموا

يـا بـاقة الـورد يا رمز المحبة قد *** أصبحت رمـز الأسى في كف من ظلموا

ما أنـت للغـدر لكن الذين ظلموا *** غطـوا بأوهامـهـم عـينيك وانتقموا

يا باقة الورد لو أن الضمـير صحا *** لـمـا تـخبـأ فـيـك الموت والألم

إحسـان إن أحكم الطغيان قبضته *** وسـل خـنـجـره فـالله مـنـتقم

قـوافـل الشر تمضـي في تآمرها *** والخيـر مـنـتـصـر والـشر منهزم

أهم المراجع:


1- رسالة دكتوراه بعنوان: "إحسان إلهي ظهير وجهوده في تقرير العقيدة والرد على الفرق المخالفة"، د. علي بن موسى الظهراني.

2- رسالة ماجستير بعنوان "إحسان الهي ظهير"، محمد إبراهيم الشيباني.

3- مجلة الدعوة، عدد 1087.

4- الموسوعة الحرة، ويكيبيديا.

المصدر: موقع لواء الشريعة